فصل: (باب النون والتاء وما يثلثهما)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


‏(‏باب النون والياء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏نيح‏)‏

النون والياء والحاء كلمة صحيحة تدل على خَيْرٍ وخيرِ حال‏.‏ ونَيَّحه الله بخَيرٍ‏:‏ أعطاه إيّاه‏.‏ وقال الخليل‏:‏ النَّيْح‏:‏ اشتداد العَظْم بعد رُطوبَتِه‏.‏ ونَاحَ يَنِيح نَيْحاً‏.‏ ونَيَّحَ اللهُ عِظامَهُ، تدعو له‏.‏ وذُكِرَتْ كلمةٌ أخرى إنْ صحَّتْ فهي قريبةٌ من هذا الباب، قالوا‏:‏ ناحَ الغصنُ يَنيح نَيْحاً‏:‏ تمايَلَ‏.‏ حكاه أبو بكر عن أبي مالك‏.‏

‏(‏نير‏)‏

النون والياء والراء كلمة تدلُّ على وضوحِ شيءٍ وبُروزه‏.‏ يقال لأخدود الطَّريقِ الواضحِ منه نِير‏.‏ قال‏:‏

* إلى كلِّ ذِي نِيرَيْنِ بادي الشَّواكلِ *

ثم قيس على هذا نِيرُ الثّوب‏:‏ عَلَمُه، سمِّي به لبُروزه ووضوحه‏.‏ ومن هذا القياس النِّير‏:‏ الخَشَبة على عُنُق الفَدَّانِ بأداتها، والجمع نِيرانٌ وأنْيار‏.‏ ورجل ذُو نِيرَين، أي شِدَّته ضِعْفُ شِدّة غيرِه‏.‏ والنِّير‏:‏ جَبَل‏.‏

وما ننكر أن يكون أصل هذا كلِّه الواو فيرجعَ إلى ما ذكرناه في باب النُّور والنار‏.‏

‏(‏نيط‏)‏

النون والياء والطاء‏.‏ يقولون النَيْط‏:‏ المَوت‏.‏ قال الأمويُّ‏:‏ رَمَاه الله بالنَّيْط‏.‏

‏(‏نيف‏)‏

النون والياء والفاء‏.‏ قد ذكرنا في باب النون والواو والفاء أنَّه يدلُّ على الارتفاع والزِّيادة‏.‏ ويجوز أن يكون هذا البابُ راجعاً إلى ذلك الأصل‏.‏ يقولون‏:‏ مائة ونيِّف‏.‏ وأنافت الدَّراهمُ على المائة‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ كلُّ ما بين العَقْدَينِ نَيِّف‏.‏ ومما يدلُّ على أنَّ هذا كذا قولُ القائل‏:‏

ورَدْتُ برابيةٍ، رأسُها *** على كلِّ رابيةٍ نيّفُ

وناقة نِيافٌ وجملٌ نيافٌ‏:‏ طويلٌ في ارتفاع‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ ونيَّفَ على السبعين، زادَ عليها‏.‏

‏(‏نيم‏)‏

النون والياء والميم ثلاثُ كلمات ليست قياساً واحداً‏.‏

فالأولى النِّيم، وهو الفَرْو‏.‏ والثانية النِّيم، وهو شجرٌ‏.‏ قال ساعدة بن جُؤيَّة الهُذَلي‏:‏

ثم ينوش إذا آدَ النَّهارُ له *** بعد التَّرقُّبِ من نِيم ومن كَتَمِ

والكَتَم‏:‏ شجرٌ أيضاً‏.‏

والثالثة النِّيم‏:‏ الدَّرَج في الرَّمْل إذا جَرَت فيه الرِّيح‏.‏ قال‏:‏

حَتَّى انجلَى اللَّيلُ عنَّا في مُلمَّعةٍ *** مثل الأديم لها في هَبْوةٍ نِيمُ

‏(‏نيأ‏)‏

النون والياء والهمزة كلمةٌ هي النِّيُّ من اللحم‏:‏ الذي لم ينضج وقد أنأْتُه أنا‏.‏ والأصل أنيَأْتُهُ‏.‏ والله أعلم بالصواب‏.‏

‏(‏باب النون والهمزة وما يثلثهما‏)‏

‏(‏نأت‏)‏

النون والهمزة والتاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت‏.‏ يقال‏:‏ نَأتَ الرّجُل نَئيتاً، مثل نَهَتَ، إذا أنَّ‏.‏ ورجلٌ نَآّتٌ مثل نهّات‏.‏

‏(‏نأج‏)‏

النون والهمزة والجيم أصلٌ يدلُّ على صوت‏.‏ ونَأَجَ إلى الله‏:‏ تضَرَّع في الدعاء‏.‏ ونائجاتُ الهَامِ‏:‏ صوائحها‏.‏ والنَّؤُوج والنّآّجة‏:‏ الرِّيح تَنْئجُ في هبوبها، أي تصوِّت‏.‏ قال ذو الرُّمَّة‏:‏

وصَوَّحَ البقلَ* نّآّجٌ تجيء ‏[‏بِهِ‏]‏ *** هَيْفٌ يمانِيَةٌ في مرِّها نَكبُ

ونأج الثَّور‏:‏ صاح‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏ادع لنا ربَّك بأنْأَجِ ما تقدر‏"‏، أي بأضرَعِ ما يمكنُ من الدُّعاء‏.‏

‏(‏نأد‏)‏

النون والهمزة والدال كلمةٌ واحدة‏.‏ يقولون‏:‏ النّآدُ والنّآدَى‏:‏ الدَّاهية‏.‏ قال الكميت‏:‏

وإيّاكم وداهيةً نَآدَى *** أظلَّتكم بعارِضِها المُخِيلِ

‏(‏نأش‏)‏

النون والهمزة والشين كلمةٌ تدلُّ على أخْذ وبطش‏.‏ ورجلٌ نَؤُوشٌ‏:‏ ذو بَطْش‏.‏

وقد ذكرت كلمةٌ إنْ صحَّتْ فليست من قياس الأولى، يقولون لمن جاءَ في أواخر النَّاس‏:‏ جاء نَئِيشاً‏.‏ قال‏:‏

تمَنَّى نئيشاً أن يكون أطاعَنِي *** وقد حدثَتْ بعد الأُمورِ أمورُ

والذي سمعناه‏:‏ ‏"‏تمنَّى أخيراً‏"‏‏.‏

‏(‏نأف‏)‏

النون والهمزة والفاء‏.‏ يقولون‏:‏ نَئِف ينأف، إذا أكَلَ‏.‏

‏(‏نأل‏)‏

النون والهمزة واللام، ليس فيه إلاَّ النَّأَلان‏:‏ المَشْي السريع‏.‏ ينهض الماشي برأسه إلى فوق‏.‏ ورجُلٌ نَؤُول، وضَبُع نَؤُول، إذا فعَلْت ذلك‏.‏

‏(‏نأم‏)‏

النون والهمزة والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على صوت‏.‏ النئيم‏:‏ ‏[‏صوتٌ‏]‏ فيه ضعفٌ كالأنين‏.‏ ونَأَم الأسدُ يَنئِمُ‏.‏ وسمعتُ له نَأْمةً واحدة‏.‏ ونأمت القوس نئيماً‏.‏

‏(‏نأي‏)‏

النون والهمزة والياء كلمتان‏:‏ النؤْي والنَّأي‏.‏ فالنُّؤْي‏:‏ حَفِيرةٌ حول الخباء، يدفَع ماءَ المطر عن الخباء‏.‏ يقال أنأيتُ نُؤْياً‏.‏ والمنْتأَى‏:‏ موضعه‏.‏ وأنشد الخليل في هذا الموضع‏:‏

إذا ما التَقيْنا سالَ من عَبَراتنا *** شآبيبَ يُنأَى سَيْلُها بالأصابع

وأمّا النّأْي فالبُعْد، يقال نأَى ينأى نأْياً؛ وانتأى‏:‏ افتعَلَ منه‏.‏ والمُنتأَى‏:‏ الموضعُ البعيد‏.‏ قال‏:‏

فإنَّك كاللَّيل الذي هُوَ مَدرِكِي *** وإنْ خِلتُ أنَّ المنتأى عنكَ واسعُ

وربَّما أخّروا الهمزة فقالوا ناء، وإنَّما هو نأى‏.‏ قال‏:‏

مَن إنْ رآك غنيَّاً لانَ جانِبُه *** وإن رآك فقيراً ناءَ واغتربا

والله أعلمُ بالصَّواب‏.‏

‏(‏باب النون والباء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏نبت‏)‏

النون والباء والتاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نماءٍ في مزروع، ثم يستعار‏.‏ فالنَّبت معروفٌ، يقال نَبَت‏.‏ وأنْبَتَتِ الأرض‏.‏ ونَبَّتُّ الشَّجرَ‏:‏ غَرستُه‏.‏ ويقال‏:‏ إنَّ ‏[‏في‏]‏ بني فلانٍ لنابِتَةَ شرّ‏.‏ ونبَتَتْ لبني فلانٍ نابتةٌ، إذا نشَأ لهم نَشْءٌ صِغار من الوَلَد‏.‏ والنَّبيت‏:‏ حيٌّ من اليمن‏.‏ وما أحسَنَ نِبتةَ هذا الشَّجر‏.‏ وهو في مَنبِتِ صدقٍ، أي أصلٍ كريم‏.‏

‏(‏نبث‏)‏

النون والباء والثاء أصلٌ يدلُّ على إبراز شيء‏.‏ ونَبَثَ التُّرابَ‏:‏ أخرَجَه من البِئرِ والنَّهر، وذلك المُستخْرَج نَبِيثةٌ، والجمع نبائث‏.‏ والنَّابث‏:‏ الحافر‏.‏ وقَوْلهم‏:‏ خبيثٌ نبيث، إنّما هو إتباع‏.‏

‏(‏نبج‏)‏

النون والباء والجيم‏.‏ يقولون‏:‏ النَّبّاج‏:‏ الرَّفيع ‏[‏الصَّوت‏]‏، وهي كلمةٌ واحدة‏.‏

‏(‏نبح‏)‏

النون والباء والحاء كلمةٌ واحدة، وهي نُبَاح الكَلْب ونَبِيحه‏.‏ وربَّما ‏[‏قالوا‏]‏ للظَّبْي نَبَح‏.‏ قال أبو دُواد‏:‏

وقُصْرَى شَنِجِ الأنْسَا *** ءِ نبّاح من الشُّعْبِ

وفي الحديث‏:‏ ‏"‏اقْعُدْ منبوحاً‏"‏، أي مشتوماً‏.‏

‏(‏نبخ‏)‏

النون والباء والخاء أصلٌ يدلُّ على عِظَمٍ وتعظُّم‏.‏ وأصل النَّبْخ ما نَفِخ من اليد فخَرَج شِبْهَ قَرْح ممتلئ ماءً‏.‏ ويقال للمتعظِّم في نفسه‏:‏ نابخة‏.‏ قال الشاعر‏:‏

يَخْشَى عليهم من الأملاك نَابِخةً *** من النَّوابِخِ مثل الحادر الرُّزَمِ

والنَّبْخاء‏:‏ الأكَمة، سمِّيت لارتفاعها‏.‏

‏(‏نبذ‏)‏

النون والباء والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على طرحٍ وإلقاء‏.‏ ونَبَذْتُ الشَّيءَ أنبِذُه نبذاً‏:‏ ألقيتُه من يدي‏.‏ والنَّبِيذُ‏:‏ التَّمر يُلقَى في الآنيةِ ويُصَبُّ عليه الماء‏.‏ يقال‏:‏ نبذتُ أَنْبِذُ‏.‏ والصَّبي المنبوذ‏:‏ الذي تُلقِيه أمُّه‏.‏ ويقال‏:‏ بأرضِ كذا نَبْذٌ من مالٍ، أي شيءٌ يسير‏.‏ وفي رأسه نَبْذٌ من الشَّيب، أي يسير، كأنَّه الذي يُنْبَذُ لِقلّته وصِغَره‏.‏ وكذلك النَّبْذُ من المَطَر‏.‏

‏(‏نبر‏)‏

النون والباء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفْع وعُلُوّ‏.‏ ونَبَر الغلامُ‏:‏ صاحَ* أول ما يترعرع‏.‏ ورجلٌ نَبَّارٌ‏:‏ فصيحٌ جهير‏.‏ وسمِّي المنبرُ لأنَّه مرتفع ويُرفَع الصَّوتُ عليه‏.‏ والنَّبْرُ في الكلامِ‏:‏ الهَمْزُ أو قريبٌ منه‏.‏ وكلُّ مَن رفع شيئاً فقد نَبَره‏.‏ ومما يقاس على هذا النِّبر‏:‏ دُوَيْبَّة، والجمع أنبار، لأنَّه إذا دبَّ على الإبل تورَّمت جلودُها وارتفَعت‏.‏ قال‏:‏

كأنها مِنْ سِمَنٍ واستِيقَارْ *** دَبَّتْ عليها ذَرِبَاتُ الأنبارْ

‏(‏نبس‏)‏

النون والباء والسين كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال‏:‏ ما نَبَسَ بكلمةٍ، أي ما تكلَّم‏.‏ وما سمعت لهم نَبْساً ولا نَبْسَة‏.‏

‏(‏نبش‏)‏

النون والباء والشين أصلٌ وكلمةٌ واحدة تدلُّ على إبرازِ شيءٍ مستور‏.‏ ونَبَشَ القَبْرَ، وهو نَبَّاشٌ يَنْبُشُه‏.‏ ومن قياسه أنابِيش الكَلأ‏:‏ القطاع المتفرِّقة تبرُزُ على وجه الأرض‏.‏

‏(‏نبص‏)‏

النون والباء والصاد‏.‏ يقولون‏:‏ نَبَص الغلامُ بالكَلْبِ‏.‏ ونَبَص الطائر‏:‏ صَوَّت‏.‏

‏(‏نبض‏)‏

النون والباء والضاد أُصَيْلٌ يدلُّ على حركةٍ أو تحريك‏.‏ ونَبَضَ العِرْقُ يَنْبِض، وتلك حركتُه‏.‏ وما به حَبَضٌ ولا نَبَض‏.‏ وأنْبَضْتُ عَن القوس إنباضاً من هذا‏.‏ ونَبَضْتُ أيضاً‏.‏ ويقولون‏:‏ فؤاد نَبِضٌ، كأنَّه من شهامته يَنْبِض، أي يتحرّك، قال‏:‏

وإذا أطفْتَ بها أطفتَ بكلكلٍ *** نَبِض الفَرائصِ مُجْفَرِ الأضلاعِ

‏(‏نبط‏)‏

النون والباء والطاء كلمةٌ تدلُّ على استخراج شيء‏.‏ واستنبَطْتُ الماءَ‏:‏ استخرجتُه، والماء نَفْسُه إذا استُخرِجَ نَبَط‏.‏ ويقال‏:‏ إنَّ النَّبَط سُمُّوا به لاستنباطهم المِياه‏.‏ ومن المحمول على هذا النُّبْطة‏:‏ بياضٌ يكون تحت إبط الفرس‏.‏ وفرسٌ أنْبَطُ، كأنَّ ذلك البياضَ مشبَّه بماءٍ نبط‏.‏

‏(‏نبع‏)‏

النون والباء والعين كلمتان‏:‏

إحداهُما نُبوع الماء، والموضع الذي يَنْبُع منه يَنْبُوع‏.‏ والنَّوابع من البعير‏:‏ المواضع التي يَسيل منها عرقُه‏.‏ ومنابع الماء‏:‏ مَخَارِجُه من الأرض‏.‏

والأخرى النَّبْع‏:‏ شَجَر‏.‏

‏(‏نبغ‏)‏

النون والباء والغين كلمةٌ تدلُّ على بُروزٍ وظُهُور‏.‏ ونَبغَ الشيءُ ظَهَرَ‏.‏ والنَّبْغ‏:‏ ما تطايَرَ من الدَّقيق إذا طُحِن أو نُخل‏.‏ ونَبَغ الرَّجُل، إذا لم يكنْ في إرث الشِّعر ثم قال وأجاد‏.‏ وكذلك سمِّي النابغةُ الشَّاعر‏.‏ قال‏:‏

وحَلّت في بني قيس بن جَسْرٍ *** وقد نبغَتْ لنا منهمْ شؤونُ

‏(‏نبق‏)‏

النون والباء والقاف كلمةٌ تدلُّ على تسويةٍ وتهذيب‏.‏ والنخل إذا كان غِرَاسُه على استواءٍ منبَّق‏.‏ وقد نَبَّقه صاحبُه‏.‏ وكذلك كلُّ شيءٍ مستوٍ مهذَّب‏.‏ قال‏:‏

وحدِّثْ بأنْ زالت بلَيلٍ حُمولُهمْ *** كنخلٍ من الأعراض غير منبَّقِ

ولعل النَّبق، وهو حَمْلُ السِّدْر من هذا‏.‏ ويقال –وهو شاذٌّ عن هذا‏:‏

أنبَقَ الرّجُلُ، إذا حَصَمَ بها غيرَ شديدةٍ‏.‏

‏(‏نبك‏)‏

النون والباء والكاف كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعٍ وهبوطٍ في الأرض‏.‏ يقال نَبَكَةٌ، والجمع نِبَاكٌ‏.‏

‏(‏نبل‏)‏

النون والباء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على فَضْل وكِبَر، ثم يستعار منه الحِذْق في العمل، فيقال للفَضْل في الإنسان نُبْل‏.‏ والنَّبَل‏:‏ عِظام المَدَر والحِجارة‏.‏ ويقال‏:‏ نَبَلٌ ونُبَلٌ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏أعِدُّوا النَّبَل‏"‏‏.‏ ويقولون‏:‏ إنَّ النَّبَل هاهنا الصِّغار، وإنَّها من الأضداد، ونبِّلْني أحجاراً للاستنجاء‏:‏ أعْطِنِيها‏.‏ ونبِّلْنِي عَرْقاً‏:‏ أعطِنِيه‏.‏ وحُجَّة أنَّها الصِّغار قول القائل‏:‏

أفَرْحُ أن أُرزَأَ الكِرامَ وأن *** أُورَثَ ذَوداً شَصَائصا نَبَلا

وإذا كانت من الأضداد كان الوجه الأقلُّ خارجاً عن القياس‏.‏

والمعنى في الحِذْق قولُهم إنَّ النّابِل‏:‏ الحاذقُ بالأمر، والفِعل النَّبَالة‏.‏ وفلان أنْبَلُ النَّاسِ بالإبل، أي أعلمهم بما يُصلحها‏.‏ قال‏:‏

تَدَلَّى عليها بالحِبالِ مُوَثِقَّاً *** شديدَُ الوَصاةِ نابلٌ وابنُ نابلِ

وفي الباب قياسٌ آخر يدلُّ على رَمْيِ الشّيءِ ونَبْذِه وخِفّةِ أمره‏.‏ منه النَّبْل‏:‏ السِّهام العربية‏.‏ والنَّابل‏:‏ صاحب النَّبْل*، والنَّبَّال‏:‏ الذي يعملُه‏.‏ ونبلْتُهُ‏:‏ رمَيْتُه بالنَّبْل‏.‏ ومن هذا القياس‏:‏ تَنَبَّل البعيرُ‏:‏ مات‏:‏ والنَّبِيلة‏:‏ الجِيفة، وسمِّيت بها لأنَّها ترمَى‏.‏

ومن القياس الذي يقارب هذا‏:‏ نَبَلَ الإبلَ يَنْبُلُها‏:‏ ساقَها سوقاً شديداً‏.‏ قال‏:‏

* لا تأويَا للعِيسِ وانبُلاها *

‏(‏نبه‏)‏

النون والباء والهاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاع وسمُوّ‏.‏ ومنه النُّبْه والانتباه، وهو اليَقَظة والارتفاع من النَّوم‏.‏ ونَبَّهْتَه وأنْبهته‏.‏ ومنه رجلٌ نَبِيه، أي شَرِيف‏.‏ وقولهم‏:‏ إنَّ النَّبَه من الأضداد، يقال للضَّائع نَبَهٌ وللموجود نَبَه، فهو عندنا صحيحٌ؛ لأنَّه إذا ضاع انتُبِه له وإذا وُجِد انتُبِه له‏.‏ قال أهلُ اللُّغة‏:‏ النَّبَه‏:‏ الضَّالَّة تُوجَد عن غفلة‏.‏ تقول‏:‏ وجدتُ هذا الشَّيءَ نَبَهاً وأضلَلْتُه نَبَها، إذا لم يعلم متى ضلّ‏.‏ والقياس في الباب ما ذكرناه‏.‏ قال‏:‏

كأنَّه دُمْلُجٌ من فِضَّةٍ نَبَه *** في مَلْعَبٍ من عَذَارَى الحيِّ مفصومُ

‏(‏نبو‏)‏

النون والباء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ في الشيء عن غَيره أو تَنحٍّ عنه‏.‏ ‏[‏نبا بصرُه عن الشيء‏]‏ ينبو‏.‏ ونبا السيف عن الضّريبة‏:‏ تجافَى ولم يَمضِ فيها‏.‏ ونبا به مَنزِلُه‏:‏ لم يوافِقْه، وكذا فِراشه‏.‏ ويقال نَبَا جنْبُه عن الفِراش‏.‏ قال‏:‏

إنَّ جَنْبِي عن الفِراشِ لنَابِ *** كتَجافِي الأسَرِّ فوقَ الظِّرابِ

ويقال إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم اسمُه من النَّبْوة، وهو الارتفاع، كأنَّه مفضّل على سائر الناس برَفْع منزلته‏.‏ ويقولون النَّبيّ‏:‏ الطريق‏.‏ قال‏:‏

لأصْبَحَ رتماً دُقاقَ الحَصَى *** مكانَ النَّبِيِّ من الكاثِبِ

‏(‏نبأ‏)‏

النون والباء والهمزة قياسه الإتيانُ من مكانٍ إلى مكان‏.‏ يقال للذي يَنْبأ من أرض إلى أرضٍ نابئ‏.‏ وسيلٌ نابئ‏:‏ أتَى من بلدٍ إلى بلد ورجل نابئ مثله‏.‏ قال‏:‏

ولكن قَذَاها كلُّ أشعَثَ نابئٍ *** أتَتْنا به الأقدار من حيث لا ندرِي

ومن هذا القياس النَّبَأ‏:‏ الخبر، لأنَّه يأتي من مكانٍ إلى مكان‏.‏ والمُنبئ‏:‏ المُخْبِر‏.‏ وأنبأته ونَبّأته‏.‏ ورَمَى الرّامي فأنبَأَ، إذا لم يَشْرِمْ، كأنَّ سَهَمه عَدَل عن الخَدْشِ وسَقَط مكاناً آخَرَ‏.‏ والنَّبْأة‏:‏ الصَّوت‏.‏ وهذا هو القياس، لأنَّ الصوتَ يجيءُ من مكانٍ إلى مكان‏.‏ قال ذو الرمة‏:‏

وقد توحَّس رِكزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ *** بنبْأةِ الصوتِ ما في سمعِهِ كذبُ

‏(‏باب النون والتاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏نتج‏)‏

النون والتاء والجيم كلمةٌ واحدة، هي النّتاج‏.‏ ونُتِجت النّاقةُ؛ ونَتَجها أهلُها‏.‏ وفرسٌ نَتُوجٌ‏:‏ استبانَ نتاجُها‏.‏

‏(‏نتح‏)‏

النون والتاء والحاء‏.‏ نَتَحَ العَرَقُ‏:‏ رشَح‏.‏ ومنَاتح العَرَق‏:‏ مخارجه‏.‏ ونَتَح النِّحْيُ‏:‏ رشَح أيضاً‏.‏

‏(‏نتخ‏)‏

النون والتاء والخاء كلمةٌ تدلُّ على استخراج الشَّيء من الشيء‏.‏ ونتخ الشَّوكَةَ مِنَ الرِّجل بالمِنْتاخ، أي المنقاش‏.‏ ونَتَخ البازِي اللحمَ بِمنْسَرِه، ونَتَخ ضِرسَه‏:‏ انتزعَه‏.‏ قال زُهير‏:‏

تَتركُ أفلاءَها في كلِّ مَنزِلةٍ *** تَنْتَخُ أعْيُنَها العِقبانُ والرَّخَمُ

ويقولون‏:‏ المتنَتِّخُ‏:‏ المتفلِّي‏.‏ والبِساط المنتوخ بالذَّهب‏:‏ المنسوج به‏.‏ والنَّتْخ‏:‏ النَّسْج، عن ابن الأعرابيّ‏.‏

‏(‏نتر‏)‏

النون والتاء والراء كلمةٌ تدلُّ على جَذْب شيءٍ‏.‏ والنَّتْر‏:‏ جَذْبٌ فيه جَفْوة‏.‏ والطَّعْنُ النَّتْر، مثل الخَلْس‏.‏ والنَّواتِر‏:‏ القِسِيّ‏.‏ وقولهم‏:‏ إنَّ النَّتَر‏:‏ الفَساد والضَّياع، وإنشادهم‏:‏

* أمْرَكَ هذا فاحتفِظْ فيه النَّتَرْ *

فالأصل فيه ما ذكرناه، كأنّه أمرٌ جُذِبَ عن الصِّحَّة‏.‏

‏(‏نتغ‏)‏

النون والتاء والغين ليس بشيءٍ غير حكاية‏.‏ يقولون‏:‏ أنتَغَ الرّجُل، إذا ضَحِكَ* ضَحِكَ المستهزئ‏.‏ ويقالَ‏:‏ نَتغْتُه، إذا عبتَه وذكَرْتَه بما ليس فيه‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ رجل مِنْتَغٌ فَعّالٌ لذلك‏.‏

‏(‏نتف‏)‏

النون والتاء والفاء‏:‏ أصلٌ يدلُّ على مَرْطِ شَيء‏.‏ ونَتَفَ الشَّعَْر وغيرَه يَنْتِفُه‏.‏ والمِنْتاف‏:‏ المِنْقاش‏.‏ والنُّتَافَة‏:‏ ما سَقَط من الشَّيء إذا نُتِف‏.‏ والنُّتْفَة‏:‏ ما نتَفْتَه بأصابِعك من نبتٍ أو غيرِه‏.‏ ورجلٌ نُتَفَةٌ‏:‏ ينتِف من العلم شيئاً ولا يستقصيه‏.‏

‏(‏نتق‏)‏

النون والتاء والقاف أصلٌ يدلُّ على جَذْب شيءٍ وزَعزَعَتِه وقَلْعِه من أصله‏.‏ تقول العرب‏:‏ نتَقْتُ الغَرْبَ من البِئر‏:‏ جَذَبْتُه‏.‏ والبعير إذا تَزَعْزَع حِملُه نتَقَ عُرَى حِبالِه، وذلك جَذْبُه إيّاها فتَسترخِي‏.‏ وامرأةٌ ناتقٌ‏:‏ كثُرَ أولادُها‏.‏ وهذا قياس الباب، كأنَّهم نُتِقُوا مِنْها نتقاً‏.‏ قال‏:‏

لم يُحرَموا حُسْنَ الغِذاءِ وأمُّهُمْ *** دَحَقَتْ عليك بناتِقٍ مذكارِ

وفي الحديث‏:‏ ‏"‏علَيكم بالأبكار فإنَّهنَّ أنْتَقُ أرحاماً‏"‏‏.‏ وزَنْدٌ ناتقٌ‏:‏ وارٍ؛ وهو القياس‏.‏

‏(‏‏[‏نتك‏)‏

النون والتاء والكاف‏.‏ النَّتْك‏]‏، هي من يمانيَّات أبي بكر‏.‏ قال‏:‏ وهي شَبِيهٌ بالنَّتْف‏.‏

‏(‏نتل‏)‏

النون والتاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تقدُّم وسَبْق‏.‏ يقال استَنْتَل الرّجلُ‏:‏ تقدَّمَ أصحابَه‏.‏ وسمِّي الرَّجلُ به ناتلا‏.‏ ونَتَلته‏:‏ جذبْتُه إلى قُدُم‏.‏ وتَنَاتَلَ النّبتُ‏:‏ لم يستقِمْ نباتُه وكان بعضُه أطوَلَ مِن بعض، كأنَّ الأطولَ تقدَّمَ ما هو أقصَرُ منه فسَبَق‏.‏ وقولهم‏:‏ النَّتَلُ العَبْد الضَّخم، تفسيره أنَّه يقوى من التقدُّم ‏[‏على‏]‏ ما يعجِزُ عنه غيرُه‏.‏ ألا ترى إلى قول الرّاجز‏:‏

* يَطُفْنَ حولَ نَتَلٍ وَزْوازِ *

فوصَفَه بوَزْوازٍ، وهو الخفيف‏.‏

‏(‏نتأ‏)‏

النون والتاء والهمزة أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج شيءٍ عن موضعه من غير بَينُونة‏.‏ يقولون‏:‏ نتأ الشَّيء، إذا خَرَجَ عن موضِعِه من غير أن يَبِين، يَنْتأ‏.‏ ونتَأَت الجِلْدة‏.‏ ويتوسَّعون في هذا حتَّى يقولوا‏:‏ نتأْت على القَومِ‏:‏ طلَعْتُ عليهم‏.‏ ونَتَأت الجاريةُ‏:‏ بَلَغَتْ‏.‏ وذكر بعضهم نَتَأ لي فلانٌ بالشرِّ، إذا استعدّ‏.‏ وهو ذلك القياس، كأنَّه نهض من مَقرِّه‏.‏ وفي أمثالهم‏:‏ ‏"‏تحْقِرُه ويَنْتأ لك‏"‏، أي تزدريه لسكونه وهو ينهَضُ إليك مجاذباً‏.‏

‏(‏نتب‏)‏

النون والتاء والباء ليس بشيء، لأنَّ الباء فيه زائدة‏.‏ يقولون‏:‏ نَتَب الشَّيءُ، مثل نَهَد‏.‏ قال‏:‏

أشرَفَ ثدياها على التَّريب *** لم يَعْدُوَا التَّفليكَ في النُّتوبِ

إنّما أراد النتُوَّ فزاد القافية‏.‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏باب النون والثاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏نثر‏)‏

النون والثاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على إلقاء شيءٍ متفرِّق‏.‏ ونَثَر الدّراهِمَ وغيرَها‏.‏ ونَثَرت الشّاةُ‏:‏ طرحت من أنْفِها الأذَى‏.‏ وسمِّي الأنْف النَّثْرةَ من هذا، لأنه يَنْثُر ما فيه من الأذى‏.‏ وجاء في الحديث‏:‏ ‏"‏إذا توضَّأْت فانْتَثِرْ‏"‏ أو ‏"‏فانْثِرْ‏"‏، معناه اجعَل الماءَ في نَثْرتك‏.‏ ‏[‏و‏]‏ النَّثْرة‏:‏ نجمٌ يقال إنَّه أنف الأسَد يَنْزِلُه القَمر‏.‏ وطَعَنه فأنْثَرَه‏:‏ ألقاه على خَيْشُومِه‏.‏ وهذا هو القياس‏.‏ قال‏:‏‏

إنَّ عليها فارساً كعَشَرهْ *** إذا رأى فارِسَ قومٍ أنْثَرَه‏

‏[‏ويقال‏:‏ أنثَره‏]‏‏:‏ أرْعَفَه الدَّم‏.‏ والنَّثْرة‏:‏ الدِّرع، وهذا ممكنٌ أن يكون شاذَّاً من الأصل الذي ذكرنا‏.‏‏

‏(‏نثل‏)‏

النون والثاء واللام أصلٌ يدلُّ على استخراج شيءٍ من شيء أو خروجه منه‏.‏ منه نثَلْتُ كِنانَتي‏:‏ أخرَجْتُ ما فيها من نَبْلٍ نَثْلا‏.‏ ونثلَتُ البِئر‏:‏ استخرجت تُرابَها‏.‏ والنَّثِيل‏:‏ الرَّوْث‏.‏ والنَّثيلة‏:‏ تُراب البِئر، والقياس واحد‏.‏‏

‏(‏نثا‏)‏

النون والثاء والحرف المعتل كلمةٌ‏.‏ يقال نَثَا الكلام يَنثُو‏:‏ أظهَرَه‏.‏ والنَّثا* يقولون‏:‏ أنْ يُذكَر الإنسانُ بغير جميل‏.‏‏

‏(‏باب النون والجيم وما يثلثهما‏)‏

‏(‏نجح‏)‏

النون والجيم والحاء أصلٌ يدلُّ على ظَفَرٍ وصِدْق وخيرٍ‏.‏ منه النَّجاح في الحوائج‏:‏ الظَّفَر بها‏.‏ وسَيْرٌ نَجِيحٌ‏:‏ وشيك‏.‏ ورأيٌ نجيح‏:‏ صواب‏.‏ وتناجَحَتْ أحلامهم‏:‏ تتابَعتْ بصدق‏.‏ وأنجَحَ الله طَلِبَتَك‏:‏ أسعَفَك بإدراكها‏.‏

‏(‏نجخ‏)‏

النون والجيم والخاء كلمةٌ تدل على حكايةِ صوت‏.‏ يقال‏:‏ سمعت نَجِيخَ الماء وناجِخَتَه‏:‏ صَوْتَه‏.‏ والنُّجَاخ‏:‏ صوت السَّاعل‏.‏ ومنْجِخ‏:‏ موضع‏.‏

‏(‏نجد‏)‏

النون والجيم والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اعتلاءٍ وقوّة وإشراف‏.‏ منه النَّجْد‏:‏ الرجُل الشُّجاع‏.‏ ونَجُدَ الرَّجُل يَنْجُد نَجْدَةً، إذا صار شُجاعاً‏.‏ وهو نَجْد ونَجُدٌ وَنجِدٌ ونَجيد‏.‏ والشَّجاعة نَجدةٌ‏.‏ والمُناجِد‏:‏ المُقاتِل‏.‏ ولاقَى فلانٌ نَجدةً، أي شدَّة، أمراً عاكه‏.‏ قال طَرَفة‏:‏

تَحسَبُ الطّرفَ عليها نَجدةً *** يالقومِي للشَّبابِ المسبكِرّْ

أن ينظر النّاظرُ إليها فتلحقُها لذلك شِدّة، كأنَّه أراد نَعْمةَ جِسمها ورِقّته‏.‏

ومن الباب النَّجَد‏:‏ العرق‏.‏ ونَجِد نَجَداً‏:‏ عَرِقَ من عملٍ أو كرب‏.‏ قال‏:‏

يَظلُّ مِن خَوفِهِ الملاّحُ معتصِماً *** بالخيزُرانةِ بعد الأينِ والنَّجَدِ

وربَّما قالوا في هذا‏:‏ نُجِدَ فهو منجودٌ‏.‏ قال‏:‏

صادياً يستغيثُ غيرَ مُغاثٍ *** ولقد كان عُصْرةَ المنجودِ

ويقال‏:‏ استنجَدْتُه فأنْجَدَني، أي استغثْتُه فأغاثني‏.‏ وفي ذلك الباب استعلاءٌ على الخَصم‏.‏

ومن الباب النَّجود‏:‏ المشْرِفة من حمر الوَحش‏.‏ واستنجد فلانٌ‏:‏ قوِيَ بعدَ ضَعْف‏.‏ ونَجَدْتُ الرّجُل أنْجُدُه‏:‏ غلبته‏.‏ حكاه ابنُ السكِّيت‏.‏ والنَّجْد‏:‏ ما عَلاَ من الأرض‏.‏ وأنْجَدَ‏:‏ علا من غَورٍ إلى نجد‏.‏

ومن الباب‏:‏ هو نَجدٌ في الحاجة، أي خفيفٌ فيها‏.‏ والنِّجَاد‏:‏ حمائل السَّيف لأنه يعلو العاتِق‏.‏ والنَّجْد‏:‏ ما نُجِّد به البيتُ من متاع‏.‏ والتَّنجيد‏:‏ التزيين والنَّجْد‏:‏ الطريقُ العالي‏.‏ والمنَجَّد‏:‏ الذي نَجَّده الدّهر إذا عَرَف وجَرَّب، كأنَّه شجَّعه وقوّاه‏.‏ وقياس كلّ واحد‏.‏

‏(‏نجذ‏)‏

النون والجيم والذال كلمةٌ واحدة‏.‏ النّاجِذ، وهو السِّنُّ بين الناب والأضراس‏.‏ ثم يستعار فيقال للرّجُل‏:‏ المنجَّذ، وهو المجرَّب‏.‏ وبدت نواجِذُه في ضحكه‏.‏ ويقولون‏:‏ إنَّ الأضراس كلَّها نواجذ‏.‏ وهذا عندنا هو الصَّحيح، لقول الشَّماخ‏:‏

* نواجِذُهنَّ كالحِدَأ الوَقيعِ *

ولأنَّهم يقولون‏:‏ ضَحِكَ حتَّى بدا ناجذُه، فلو كان السِّنَّ الذي بين النّاب والأضراس لم يُقَلْ فيه هذا، لأنَّ ذاك بادٍ من أدنى ضَحِك‏.‏

‏(‏نجر‏)‏

النون والجيم والراء أصلان‏:‏ أحدهما تسويةُ الشّيء وإصلاحُ قَدرِه، والآخر جِنسٌ من الأدواء‏.‏

الأوّل نَجْر الخشبِ، ونَجَره نَجْراً، وفاعله النَّجَّار، وهو منه، كأنه شيء سُوِّي‏.‏ نَجَره نجراً‏.‏ وكذا النَّجْر‏:‏ الطَّبْع‏.‏ ويقولون – وما أدري كيف صِحّته-‏:‏ إنَّ نَجْران البابِ‏:‏ الخشَبة الذي يدور فيها‏.‏

والأصل الآخر النَّجَر‏:‏ قالوا‏:‏ نَجِرَت الإبلُ‏:‏ عَطِشَت، ويقال مَجرت، هو أن تَشرَب فلا تَرْوَى، وذلك يكون من أكلِ الحِبَّة‏.‏ وحكى الخليلُ النّجْران‏:‏ العَطشان‏.‏ قالوا‏:‏ وشهرُ ناجرٍ من هذا، لأنَّ الإبل تَنْجَر فيه‏.‏ قال ابنُ السِّكِّيت‏:‏ النَّجَر‏:‏ أن يشرَبَ الإنسانُ اللَّبَنَ الحامِضَ فلا يَرْوَى من الماء‏.‏

‏(‏نجز‏)‏

النون والجيم والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كمالِ شيءٍ في عَجلةٍ من غير بُطْء‏.‏ يقال‏:‏ نَجَزَ الوعدُ يَنْجُز‏.‏ وأنجزْتُه أنا‏:‏ أعجلتُه‏.‏ وأعطيته ما عِندي حتَّى نَجَزَ آخِرُه، أي وصل إليه آخرُه‏.‏ وبِعْهُ ناجزاً بناجز، كقولهم يداً بيد‏:‏ تعجيلاً بتعجيل‏.‏ والمناجَزَة في الحرب‏:‏ أن يتبارَزَ الفارسان، أي يُعجِّلانِ القتالَ لا يتوقفان‏.‏

‏(‏نجس‏)‏

النون والجيم والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف الطّهارة‏.‏ وشيء نَجِسٌ ونَجَسٌ‏:‏ قذِر‏.‏ والنَّجَس‏:‏ القَذَر‏.‏ وليس ببعيد أن يكون منه * قولهم‏:‏ النَّاجس‏:‏ الداء لا دَواءَ له‏.‏ قال ساعدةُ الهذليّ‏:‏

والشيب داءٌ نَجِيسٌ لا دواءَ له *** للمرءِ كان صحيحاً صائبَ القُحَمِ

كأنَّه إذا طال بالإنسان نَجِسَه ‏[‏أو نَجَّسَه‏]‏، أي قَذِره أو قذَّره‏.‏ أمَّا التَّنجيس فشيء كانت العرب تفعله، كانوا يعلِّقون على الصبِيِّ شيئاً يعوِّذونه من الجنّ، ولعلَّ ذلك عَظْمٌ أو ما أشبَهَه، فلذلك سُمِّي تنجيساً‏.‏ قال‏:‏

* وعلقَ أنجاساً عليَّ المنجِّسُ *

‏(‏نجش‏)‏

النون والجيم والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على إثارة شيء‏.‏ منه النَّجْش‏:‏ أن تُزايِد في المبيع بثمنٍ كثير لينظر إليك الناظرُ فيقعَ فيه، وهو الذي جاء في الحديث‏:‏ ‏"‏لا تَناجَشُوا‏"‏، كأنَّ النَّاجشَ استَثارَ تلك الزيادة‏.‏ والناجش‏:‏ الذي يُثِير الصَّيد‏.‏ ونجَشْتُ الصَّيد‏:‏ استثرته‏.‏ وكذا نَجَشَ الإبلَ ينجُشها‏:‏ جمعها بعد تَفرُّق‏.‏ قال‏:‏

* غيرَ السُّرى والسَّائِق النَّجَّاشِ *

ومن الباب النِّجَاشة‏:‏ سُرعة المشي‏.‏ ومرَّ يَنْجُشُ نجيشاً‏.‏ وكأنّه يراد به يُثِير التُّراب في مَشيِه‏.‏ ويقال إنّ اسمَ النَّجاشِيِّ مشتقٌّ منه‏.‏

‏(‏نجع‏)‏

النون والجيم والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على منفعةِ طعامٍ أو دواءٍ في الجِسم، ثمّ يُتوسَّع فيه فيقاس عليه‏.‏ ونَجَع الطّعامُ‏:‏ هَنَأَ آكِلَه‏.‏ وماءٌ نَجوعٌ كنميرٍ، وهو النامي في الجِسم‏.‏ قال ابن السِّكِّيت‏:‏ نجَع فيه الدّواء، ونَجَع في الدابة العَلف، ولا يقال أنْجَعَ‏.‏

وممَّا قيسَ على هذا النُّجْعة‏:‏ طلبُ الكلأ، لأنّه مَطلبُ ما يَنْجَع‏.‏ وانتَجَعَه‏:‏ طلب خَيره‏.‏ ومنه النَّجِيع‏:‏ الخَبَطُ يُضرَب بالدَّقيق والماءِ يُوجَر الجمل‏.‏ ونَجَعَ في فلانٍ قولُك‏:‏ أخَذَ فيه‏.‏

ومما شذّ عن الباب‏:‏ النَّجيع‏:‏ دمُ الجَوفِ يَضرِب إلى السَّواد‏.‏

‏(‏نجف‏)‏

النون والجيم والفاء أصلانِ صحيحان‏:‏ أحدُهما يدلُّ على تبسُّطٍ في شَيءٍ مكانٍ أو غيره، والآخَر يدلُّ على استخراج شيء‏.‏

فالأوَّل النَّجَف‏:‏ مكانٌ مستطيل منقادٌ ولا يعلوه الماءُ، والجمع نِجَاف‏.‏ ويقال هي بطونٌ من الأرض في أسافِلِها سُهولةٌ تنقاد في الأرض، لها أوديةٌ تنصبُّ إلى لينٍ من الأرض‏.‏ ويقال لإبِطِ الكثيب‏:‏ نَجَفَةُ الكَثِيب‏.‏

ومن الباب النَّجِيف ‏[‏من‏]‏ السِّهام‏:‏ العَرِيض‏.‏ ونَجَفْتُ السَّهمَ‏:‏ برَيْتُه كذلك وأصلحتُه، وسهمٌ منجوفٌ ونَجيف‏.‏ وغارٌ منجوفٌ‏:‏ واسع‏.‏

والثاني‏:‏ تيسٌ منجوف، وهو أن يُعَصَّبَ قضيبُه ولا يقدِرَ على السِّفاد، وكأنَّه قد قُطِع عنه ماءٌ واستُخْرِج‏.‏ والانتجاف‏:‏ استخراجُ ما في الضَّرعِ من اللبن‏.‏ والمَنجوف‏:‏ المْنقَطع عن النِّكاح‏.‏ وانتَجَفَت الرِّيحُ السَّحَابَ‏:‏ مَرتْه واستَفرغَتْه‏.‏

‏(‏نجل‏)‏

النون والجيم واللام أصلان صحيحان‏:‏ أحدهما يدلُّ على رَمْيِ الشيء، والآخَر على سعةٍ في الشَّيء‏.‏

فالأوَّل النَّجْل‏:‏ رمْيُك الشَّيء‏.‏ يقال‏:‏ نَجَل نَجْلا‏.‏ والناقة تَنْجُل الحصى بِمنَاسِمها نَجْلاً، أي ترْمِي به‏.‏ ومنه نَجَلْتُ الرّجُلَ نَجْلَةً، إذا ضربته بمقدَّمِ رِجلكَ فتَدحْرَجَ‏.‏ وقولهم‏:‏ ‏"‏مَنْ نَجَلَ النَّاسَ نَجَلُوه‏"‏، أي مَن شارَّهم شارُّوه، ومن رَماهم رمَوْه‏.‏ ومن الباب النَّجْل، وهو النَّسل، لأنَّ الوالدةَ كأنَّها تَرْمِي به‏.‏ وفحلٌ ناجِلٌ، كريم النَّجْل‏.‏ ويقولون‏:‏ قَبَح اللهُ ناجِلَيه، أي والديه‏.‏ ومنه النَّجْل‏:‏ النّزُّ، كأنَّه ندىً تَقْلِسُهُ الأرض وترمِي به‏.‏

والأصل الآخر النَّجَل‏:‏ سَعَةُ العين في حُسْن؛ والنَّجْل‏:‏ جمع أنْجَل‏.‏ والأسَدَ أنْجَلُ‏.‏ وطعنةٌ نَجْلاَء‏:‏ واسعة‏.‏ ورُمْحٌ مِنْجَلٌ‏:‏ واسع الطَّعْن‏.‏ ونَجَلْتُ الإهاب‏:‏ شقَقْتُه عن عُرقوبيهِ جميعاً، كما تُسلَخ الجُلود‏.‏ وإهابٌ مَنْجُولٌ‏.‏ ويقال‏:‏ الإنجيلُ عربيٌّ مشتقٌّ من نَجَلت الشيءَ‏:‏ استخرجْتُه، كأنَّه أمرٌ أبرِزَ وأُظهِرَ بما فيه‏.‏

ومما شذَّ عن هذين البابين النّجِيل‏:‏ ضربٌ من وَرَق الشَّجَر من الحَمْض‏.‏ وأنْجَلَت الأرضُ‏:‏ اخضرَّتْ‏.‏

‏(‏نجم‏)‏

النون والجيم والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على طُلُوعٍ وظهور‏.‏*ونَجَمَ النَّجمُ‏:‏ طَلَعَ‏.‏ ونَجَمَ السِّنُّ والقَرْنُ‏:‏ طَلَعَا‏.‏ والنّجم‏:‏ الثُّرَيَّا، اسمٌ لها‏.‏

وإذا قالوا‏:‏ طَلَعَ النَّجْم، فإنَّهم يريدونها‏.‏ وليس لهذا الحديثِ نَجْمٌ، أي أصلٌ ومَطْلِع‏.‏ والنَّجم من النَّبات‏:‏ ما لم يكن له ساقٌ، مِن نَجَمَ، إذا طَلَعَ‏.‏ والمِنْجَم في المِيزان‏:‏ الحديدة المعترِضة التي فيها اللِّسان؛ وهو ذلك القياس‏.‏

‏(‏نجه‏)‏

النون والجيم والهاء‏.‏ كلمةٌ تدلُّ على كراهةٍ في شيء‏.‏ يقال‏:‏ نَجَهْتُه، إذا استقبَلْتَه بما يكرهُه ويَقْدَعُه عنك‏.‏ ورجلٌ ناجِهٌ، إذا دَخَلَ البلدَ فاسْتَنْكَرَه وكَرِهَه‏.‏

‏(‏نجو‏)‏

النون والجيم والحرف المعتلّ أصلانِ، يدلُّ أحدُهما على كَشْطٍ وكشف، والآخَر على سَترٍ وإخفاء‏.‏

فالأوَّل‏:‏ نَجَوْتُ الجِلدَ أنْجُوه –والجلد نَجاً- إذا كشَطْتَه‏.‏ وقال‏:‏

فقلتُ انجُوَا عنها نَجَا الجِلْدِ إنَّه *** سيُرْضِيكما منها سَنامٌ وغاربُه

ويقولون‏:‏ هو في أرضٍ نَجَاةٍ‏:‏ يُسْتَنْجَى من شجرها العِصِيُّ‏.‏ يقال للغُصُون النَّجَا‏.‏ الواحدة نَجَاة، وأنْجِنِي عَصاً‏.‏ ونَجَا الإنسانُ ينجو نَجاةً، ونَجاءً في السُّرعة؛ وهو معنى الذَّهاب والانكشاف من المكان‏.‏ وناقةٌ ناجِية ونَجَاةٌ‏:‏ سريعة‏.‏ ومن الباب وهو محمولٌ على ما ذكرناه من النّجاء‏:‏ النَّجاة والنَّجْوة من الأرض، وهي التي لا يَعْلُوها سَيْل‏.‏ قال‏:‏

فَمَنْ بِنَجوتِهِ كمن بعَقْوَتِه *** والمستكنُّ كمَنْ يمشي بِقرْواحِ

وإنّما قُلنا إنّه محمولٌ عليه لأنَّه كأنَّه لمَّا نَجَا من السَّيل فكأنَّه الشيء الذي يَنجو من شيء بذَهابٍ عنه، فهذا معنى المحمول‏.‏

وقولهم‏:‏ بيني وبينهم نَجَاوَةٌ من الأرض، أي سعة، من الباب؛ لأنَّه مكان يُسرَعُ فيه ويُنْجَى‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏إذا سافرتم في الجَدْبِ فاسْتَنْجُوا‏"‏، يريد لا تُبطِئُوا في السير، ولكن انكَشِفُوا ومُرُّوا‏.‏

ومن الباب النَّجْو‏:‏ السَّحاب، والجمع النِّجاء؛ وهو من انكشافِه لأنَّه لا يثبت‏.‏ قال ابن السكّيت‏:‏ أنْجَت السّحابةُ‏:‏ ولّتْ‏.‏ وقولهم‏:‏ استَنْجَى فلانٌ، قالوا هو من النَّجْوَة، كأنَّ الإنسانَ إذا ارادَ قضاءَ حاجته أتى نَجوةً من الأرض تستره، فقيل لمن أرادَ ذلك استنجى، كما قالوا‏:‏ تغوَّطَ، أي أتى غائطاً‏.‏

ومن الباب نَجَوْتُ فلاناً‏:‏ استَنْكَهْتُه، كأنَّكَ أردتَ استكشافَ حالِ فيه‏.‏ قال‏:‏

نجَوْتُ مُجَالِداً فوجدت فيه *** كريح الكَلْبِ ماتَ حديثَ عَهْدِ

والأصل الآخر النَّجْو والنَّجْوَى‏:‏ السِّرُّ بين اثنين‏.‏ وناجَيْتُه، وتناجَوْا، وانتَجَوْا‏.‏ وهو نَجِيُّ فلانٍ، والجمع أنْجِيَة‏.‏ قال‏:‏

* إذا ما القومُ كانوا أنْجِيَهْ *

يقول‏:‏ نامَ القومُ وحَلُمُوا في نَومهم فكأَنَّهُم يناجُون أهلِيهم في النَّوْمِ ونَجَوْتُه‏:‏ ناجَيْتُه‏.‏ وانتجَيْتُه‏:‏ اختصصته بمناجاتي‏.‏ قال‏:‏

فبِتُّ أَنْجُو بها نَفْساً تكلِّفُنِي *** ما لا يُهمُّ بِهِ الجَثّامَةُ الوَرَعُ

‏(‏نجب‏)‏

النون والجيم والباء أصلانِ‏:‏ أحدهما يدلُّ على خُلوص شيءٍ وكَرم، والآخر على ضَعف‏.‏

الأوَل النَّجَابة‏:‏ مصدر الرّجُل النجيب، أي الكريم‏.‏ وانْتَجَب فلاناً‏:‏ استخلَصَه واصطفاه‏.‏ ورجل مُنْجِبٌ‏:‏ له ولد نجيبٌ‏.‏ وامرأةٌ مُنْجِبةٌ ومِنجابُ‏.‏ ورجلٌ نَجْبٌ‏:‏ سخِيٌّ كريم‏.‏

والآخر المِنْجاب‏:‏ الرّجُل الضّعيف، والجمع مَناجيب‏.‏ قال‏:‏

* إذْ آثَرَ النّومَ والدِّفءَ المَنَاجِيبُ *

ومن الباب المِنْجَاب‏:‏ النَّصْل يُبْرَى ولم يُرَش‏.‏ والنَّجَبُ ما فوق اللِّحاء من قِشرة الشّجرة، والنَّجْبُ أخْذُه‏.‏

‏(‏نجث‏)‏

النون والجيم والثاء أُصَيلٌ يدلُّ على إبراز شيءٍ وسَوءَةٍ‏.‏ منه النَّجيثة‏:‏ ما أُخرِجَ من تُراب البِئر‏.‏ ويقال‏:‏ بَدَا نَجِيثُ القَوم، أي ما كانوا يخفونه من سَوءة‏.‏ والنَّجيث‏:‏ الهَدَف‏.‏ قال الخليل‏:‏ سمِّي نجيثاً لانتصابه‏.‏ وهو يَنْجُثُ بني فلان، إذا استعْواهم مستغيثاً بهم، ومعناه أنّه يسألهم البُروزَ لنُصْرته‏.‏ والاستنجاث‏:‏ التَّصدِّي للشَّيء، والقياس في كلِّه واحد، والله أعلم‏.‏

‏(‏باب النون والحاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏نحر‏)‏

النون والحاء والراء‏.‏ كلمة واحدة يتفرّعُ منها كلماتُ الباب‏.‏ هي النَّحْر للإنسانِ وغيره، والجمع نُحور‏.‏ والنَّحْر‏:‏ البَزْل في النَّحْر‏.‏ ونَحَرتُ البعيرَ نَحْراً‏.‏ والنَّاحِران‏:‏ عِرْقان في صَدر الفَرَس‏.‏ ودائرة النَّاحر تكون في الجران إلى أسفَلَ من ذلك‏.‏ وانتَحَروا على الشَّيء‏:‏ تشاحُّوا عليه حِرصاً، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يريد نَحرَ صاحبِه‏.‏ ويقال‏:‏ النَّحيرة‏:‏ آخرُ يومٍ من الشَّهر، لأنّه ينحر الذي يدخل، وأظن معنى يَنحره يَلِي نَحْرَه‏.‏ والعالم بالشّيء المجرِّب نِحْرِير، وهو إن كان من القياس الذي ذكرناه، بمعنى أنّه ينحر العلمَ نحراً، كقولك‏:‏ قَتلتُ هذا الشَّيءَ عِلْماً‏.‏

‏(‏نحز‏)‏

النون والحاء والزاء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على معنى النَّخس والدّقّ، والآخر على امتدادٍ في شيء‏.‏

فالأول النَّحْز‏:‏ النَّخْس‏.‏ ونَحَزَه نَحْزاً‏.‏ والراكب يَنْحَزُ بصدره واسِطةَ الرَّحْل‏.‏ ونَحزْتُ النّاقةَ برِجلي‏:‏ ركلتُها‏.‏ والنَّاحز‏:‏ أن يصيب المِرفَقُ كركرةَ البعير، يقال به ناحِز‏.‏ والنُّحَاز‏:‏ داءٌ يأخذ الإبل في رِئاتها‏.‏ والقياس فيهما واحد‏.‏

ومن الباب نَحَز الشَّيءَ‏:‏ دقَّه‏.‏ والمِنحاز‏:‏ شيء يُدَقُّ فيه الأشياء‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ النَّحِيزة‏:‏ طِبَّةٌ تكونُ في الأرض ممتدة كالفَرسَخ‏.‏ والنّحائز‏:‏ نَسَائِجُ كالحُزُم والشُّقَق العريضة، تكون للرِّحال‏.‏ ويقولون‏:‏ النَّحيزة‏:‏ طبيعة الإنسان‏.‏ والذي نقوله أنَّ النَّحيزة على معنى التَّشبيه، وإنَّما يُراد بها الحال التي كأنَّه نُسِجَ عليها، فيقولون‏:‏ هو ضعيفُ النَّحيزة، أي هذه الحالُ منه ضعيفة‏.‏

‏(‏نحس‏)‏

النون والحاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خِلاف السَّعد‏.‏ ونُحِسَ هو فهو مَنحوس‏.‏ والنُّحَاس‏:‏ الدُّخَان لا لَهَبَ فيه‏.‏ قال‏:‏

* شياطين يُرمَى بالنُّحاسِ رَجيمُها *

والنُّحَاس من هذه الجواهرِ كأنه لمَّا خالف الجواهرَ الشَّريفَةَ كالذَّهب والفِضّة سُمِّي نُحَاساً‏.‏ هذا على وجه الاحتمال‏.‏ ويقال‏:‏ يومٌ نَحْسٌ ويومٌ نَحِسٌ‏.‏ وقرئ‏:‏ ‏{‏في أيَّامٍ نَحِسَاتٍ‏}‏‏.‏ ‏[‏فصلت 16‏]‏‏.‏ و ‏{‏نَحْسَاتٍ‏}‏‏.‏

ويحتمل أنَّ النُّحاس‏:‏ الأصل، على ما ذكره بعضهم، ولمَّا كان أصلاً لكثيرٍ من الجواهر قيل لمبلغ أصلِ الشَّيء نُحاس‏.‏

‏(‏نحص‏)‏

النون والحاء والصاد كلمةٌ واحدة، هي النَّحُوص‏:‏ الأتَان الحائل في شعر امرئ القيس‏.‏ قال‏:‏

أرَنَّ عليه قارباً وانتحَتْ لهُ *** طُوَالةُ أرساغِ اليدينِ نَحوصُ

‏(‏نحض‏)‏

النون والحاء والضاد كلمةٌ واحدة، وهي اللَّحْم‏.‏ يقال لِلَّحْم نَحْض‏.‏ وامرأةٌ نَحِيضة‏:‏ كثيرة اللَّحم، فإذا ذَهَب لحمها فَمنحوضَة، من قولهم‏:‏ نحضْتُ العَظْم‏:‏ أخذتُ ما عليه من لَحم‏.‏ ويقولون‏:‏ نَحَضْت السِّنانَ‏:‏ رقّقته، كأنَّك لما رقَّقته أخذت عنه نَحضَه‏.‏

‏(‏نحط‏)‏

النون والحاء والطاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت‏.‏ من ذلك النَّحِيط كالزَّفير‏.‏ والنَّحَّاط‏:‏ الرّجل المتكبِّر ينحطُ من الغَيظ‏.‏ والنَّحْطة‏:‏ داءٌ يأخذ الإبل في صَدرها تَنحَطُ منه فلا تكاد تَسلم معَه‏.‏

‏(‏نحف‏)‏

النون والحاء والفاء كلمةٌ تدلُّ على دِقّة وذُبول‏.‏ نحو نَحُف الرّجُل نحافةً فهو نحيف، إذا قلَّ لحمُه وهُزِل‏.‏ وهُم نِحافٌ‏.‏

‏(‏نحل‏)‏

النون والحاء واللام كلماتٌ ثلاث‏:‏ الأولى تدلُّ على دِقّةٍ وهُزال، والأخرى على عطاء، والثالثة على ادِّعاء‏.‏

فالأولى نَحَل جِسُمه نُحولاً فهو ناحل، إذا دقَّ، وأنْحلَه الهمُّ‏.‏ والنَّواحل‏:‏ السُّيوف التي رَقَّت ظُباتُها من كثرة الضَّرْب بها‏.‏

والثانية‏:‏ نَحلْتُه كذا، أي أعطيتُه‏.‏ والاسم النُّحْل‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ سمِّي الشَّي المُعطَى النُّحْلان‏.‏ ويقولون‏:‏ النُّحْل‏:‏ أن تُعطِيَ شيئاً بلا استِعْواض‏.‏ ونَحَلْتُ المرأةَ مَهْرَها* نِحلةً، أي عن طِيب نَفْسٍ من غير مطالَبة‏.‏ كذا قال المفسِّرون في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً‏}‏ ‏[‏النساء 4‏]‏‏.‏

والثالثة قولهم‏:‏ انْتحَلَ كذا، إذا تعاطاه وادَّعاء‏.‏ وقال قوم‏:‏ انتحلَه، إذا ادّعاه مُحِقّاً؛ وتَنَحَّله، إذا ادَّعاه مُبطِلاً‏.‏ وليس هذا عندنا بشيء‏.‏ ومعنى انتحل وتَنَحَّل عندنا سواء‏.‏ والدليل على ذلك قولُ الأعشى‏:‏

فكيف أنا وانتحالِي القوَا *** فِ بعدَ المشيبِ كفى ذاك عارا

‏(‏نحو‏)‏

النون والحاء والواو كلمةٌ تدلُّ على قصد‏.‏ ونحوْتُ نَحْوَه‏.‏ ولذلك سمِّي نَحْوُ الكلام، لأنه يَقصِد أصول الكلام فيتكلمُ على حَسَب ما كان العرب تتكلَّم به‏.‏ ويقال إنَّ بني نَحْوٍ‏:‏ قومٌ من العرب‏.‏ وأمّا ‏[‏أهل‏]‏ المَنْحَاةِ فقد قيل‏:‏ القوم البُعَداء غيرُ الأقارب‏.‏

ومن الباب‏:‏ انتحَى فلانٌ لفلانٍ‏:‏ قصَدَه وعَرَض له‏.‏

‏(‏نحي‏)‏

النون والحاء والياء كلمةٌ واحدة، هي النِّحْي‏:‏ سِقاء السَّمْن‏.‏

‏(‏نحب‏)‏

النون والحاء والباء أصلانِ‏:‏ أحدهما يدلُّ على نَذْرٍ وما أشبَهَه من خَطَر أو إخطار شيء، والآخر على صوتٍ من الأصوات‏.‏

فالأوّل‏:‏ النَّحْب‏:‏ النَّذْر‏.‏ وسار فلانٌ على نَحْبٍ، إذا جهد، فكأنَّه خاطَرَ على شيءٍ فَجدَّ‏.‏ قال‏:‏

* كما سار عن إحدى يديه المُنَحِّبُ *

أي المُخاطِر‏.‏ وقد كان التَّنْحِيب في العرب، وهو كالمخاطَرة، تقول‏:‏ إن كان كذا فلك عليَّ كذا وإلاَّ فلي عليك‏.‏ وجاء الإسلامُ بالنَّهي عنه‏.‏ ومنه ناحَبْتُه إلى فلانٍ، إذا حاكمتَه‏.‏ والقياسُ فيهما واحد‏.‏ وكذا النَّحْب‏:‏ الموت، كأنَّه نذْرٌ ينذُِرُهُ الإنسان يَلزَمُه الوفاءُ به، ولا بُدَّ له منه‏.‏

والأصل الآخر النَّحيب‏:‏ ‏[‏نحيبُ‏]‏ الباكِي، وهو بكاؤُه مع صوتٍ وإعوال‏.‏ ومنه النُّحَاب‏:‏ سُعال الإبل‏.‏ ونَحَب البعيرُ يَنْحَب‏.‏

‏(‏نحت‏)‏

النون والحاء والتاء كلمة تدل على نَجْرِ شيءٍ وتسويتهِ بحديدة‏.‏ ونَحَتَ النَّجَّار الخشبةَ ينحَتُها نحتاً‏.‏ والنَّحيتة‏:‏ الطَّبيعة، يريدون الحالةَ التي نُحِت عليها الإنسان، كالغريزة التي غُرِز عليها الإنسان‏.‏ وما سقط من المنحوت نُحاتَةٌ‏.‏

‏(‏باب النون والخاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏نخر‏)‏

النون والخاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على صوتٍ من الأصوات ثم يفرَّع منه‏.‏ النخير‏:‏ صوتٌ يخرج من المَنْخِرين، وسمِّي المَنخِران من جهة النَّخير الخارجِ منهما‏.‏ وفُرِّع منه فقيل لخَرقَي الأنف النُّخرتان‏.‏ والنَّخُور‏:‏ الناقة لا تدُِرُّ حتَّى تُدخِل الإصبع في مَنْخِرها‏.‏ ويقولون‏:‏ النُّخْرة‏:‏ الأنف نفسُه‏.‏ ويقولون لهُبوب الرِّيح‏:‏ نُخْرة‏.‏ فأمَّا الشجرة النَّخِرةُ والعظم النَّخر فمن هذا أيضاً؛ لأن ذلك يتجوَّف فتدخلُه الرِّيح، ويكون لها عند ذلك نُخْرةٌ، أي صوت‏.‏ ويقولون‏:‏ النَّخِر‏:‏ البالي‏.‏ والناخر‏:‏ الذي تدخل فيه الريح وتخرج منه ولها نَخِير‏.‏ والقياس في كلِّه واحدٌ عندنا‏.‏ وما بها ناخِرٌ، أي أحد، يراد بها مصوِّت‏.‏‏

وممَّا يقارب هذا‏:‏ النَّخْوَريّ‏:‏ الواسع الإحليل، وذلك كأنَّه شيء يدخله الرِّيحُ بنُخْرة‏.‏‏

‏(‏نخس‏)‏

النون والخاء والسين كلمةٌ تدلُّ على بَزْل شيءٍ بشيءٍ حادٍّ‏.‏ ونَخَسَه بعُودٍ أو حديدةٍ نَخْساً‏.‏ ومنه النَّخَّاس‏.‏ والنَّاخِس‏:‏ جَرَبٌ يكون عند ذَنَب البعير أو صدرِه، كأنَّه نُخِس به وبعيرٌ منخوس‏.‏‏

ومما شَذَّ عنه النخيسة‏.‏‏

‏(‏نخش‏)‏

النون والخاء والشين‏.‏ يقولون‏:‏ نُخِشَ فهو منخوشٌ، أي هُزِلَ‏.‏‏

‏(‏نخط‏)‏

النون والخاء والطاء يقولون‏:‏ انتخَطَ من أنْفه رَمى به، وكأنّه من الإبدال والأصل الميم‏.‏ قال‏:‏‏

* نخَطْن بذِبَّان المَصِيف الأزارِقِ *‏

ومَا أدري أيُّ النّخْط هو، منه، أي أيّ من انتَخَط‏.‏‏

‏(‏نخع‏)‏

النون والخاء والعين أصلٌ يدلُّ على خالِصِ الشَّيءِ ولُبِّه‏.‏ منه النُّخاع‏:‏ عِرقٌ أبيض ضخمٌ مستبطِنٌ فَقارَ العُنُق‏.‏ ثم يفرَّع منه فيقال‏:‏ نَخَعه، إذا جاز بالذَّبح إلى النُّخاع*‏.‏ ودابّةً منخوعة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏إنّ أنخَعَ الأسماء عند الله أن يتسمَّى الرّجُلُ باسمِ مَلِك الأملاك‏"‏، أي أقْتَلُها لصاحبه‏.‏ والمَنْخَع‏:‏ مفْصِل الفَهقةِ بين العُنُق والرأسِ من باطن‏.‏ وهو من النُّخاع أيضاً، لأنَّه يَجرِي فيه‏.‏ وقولهم‏:‏ النّاخع‏:‏ العالم إن صحّ فهو منه أيضاً، كأنَّه وصل إلى الخالص الباطن من العلم وينشدون‏:‏‏

إنَّ الذي ربَّضَها أمرَهُ *** سِرَّاً وقد بَيَّن للنَّاخِعِ‏

ومنه أيضاً نَخِعَ العودُ‏:‏ جَرَى فيه الماء، كأنَّه بلغ نُخاعَه‏.‏ ونخَع النَّصيحةَ‏:‏ أخلصها‏.‏ والنُّخَاعة‏:‏ النُّخامة‏.‏ وقولهم‏:‏ انْتَخَعَ الرّجُل عن أرضه تباعَدَ، هو عندنا منه، كأنَّه بلغ نُخاعَه في سفره، كما يبلغ النَّاخعُ للشاة الغايةَ في الذَّبْح‏.‏‏

وممَّا يَجرِي مَجرى الإبدال شيءٌ رواه ابنُ الأعرابيِّ‏:‏ نَخعَ لي فلانٌ بحقِّي، مثل بَخَعَ، إذا أقرَّ‏.‏‏

‏(‏نخف‏)‏

النون والخاء والفاء كلمة‏.‏ يقولون‏:‏ نَخَفَتِ العَنْزُ بأنفها، مثل نَفَطت‏.‏ ويقولون النَّخْف‏:‏ النَّفَس العالي‏.‏‏

‏(‏نخل‏)‏

النون والخاء واللام‏:‏ كلمةٌ تدلُّ على انتقاء الشَّيء واختياره‏.‏وانتخلته‏:‏ استقصيت حَتّى أخذتُ أفضلَه‏.‏ وعندنا أنَّ النَّخلَ سمِّي به لأنَّه أشرف كلِّ شجرٍ ذي ساق، الواحدة نَخْلة‏.‏ والنَّخْل‏:‏ نَخلك الدَّقيق بالمُنْخُل، وما سقَطَ منه فهو نُخَالة‏.‏ والنَّخْل‏:‏ ضربٌ من الحَلْي على صورة النَّخْل‏.‏ قال‏:‏‏

* قد اكتَسَتْ من أرنَبٍ ونَخْلِ *‏

‏(‏نخم‏)‏

النون والخاء والميم كلمة‏.‏ يقولون‏:‏ النُّخَامة‏:‏ النُّخاعة‏.‏ وتَنَخَّم، إذا نَخَع‏.‏ قال ابنُ دُريد‏:‏ وسمِعتُ نَخْمَةَ الرَّجُل، إذا سمِعتَ حِسَّه‏.‏‏

‏(‏نخب‏)‏

النون والخاء والباء كلمةٌ تدلُّ على تَعظُّم يقال أحدهما على خيار شيء، والآخَر على ثَقْبٍ وهَزْم في شيء‏.‏‏

فالأوَّل النُّخْبة‏:‏ خيارُ الشَّيء ونُخبَتُه‏.‏ وانتخبته، وهو مُنتَخَبٌ أي مختار‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ النَّخبة‏:‏ الشَّربة العظيمة‏.‏‏

والأصل الآخر النُّخبة‏:‏ خَرق الثَّفْر‏.‏ ومنه نَخَبها‏:‏ باضَعَها‏.‏ واستَنْخَبَت المرأةُ، إذا أرادت البِضاع‏.‏ والرَّجلُ النَّخْب‏:‏ الذي لا فؤادَ له‏.‏ والنَّخِيب‏:‏ الذاهب العقل‏.‏ وهذا محتملٌ أن يكون من الأوَّل، كأنّه حُرِم النُّخبة، أي خيار ما في الإنسان‏.‏‏

‏(‏نخج‏)‏

النون والخاء والجيم كلمةٌ واحدة‏.‏ يقولون‏:‏ النَّخْج‏:‏ السَّيْل ‏[‏ينخج‏]‏ في سَنَد الوادي حتَّى يَجرُف‏.‏ ويُقاس على هذا فيقال‏:‏ ناخَجَها، إذا جامَعَها‏.‏‏